## صلاة التسابيح: شرح مفصل، فضائلها، وكيفيّة أدائها
تُعَدّ صلاة التسابيح من النوافل المُستحبّة في
الإسلام، وهي صلاة ذات فضل عظيم، وسمّيت بهذا الاسم لكثرة التسبيح والذكر فيها. تتضمّن هذه الصلاة ثلاثمئة تسبيحة، مئة تسبيحة
كلّ من: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
## صلاة التسابيح: شرح مفصل، فضائلها، وكيفيّة أدائها |
وقد وردت أحاديث نبويّة تُشير
إلى فضلها العظيم في مغفرة الذنوب، مما جعلها محلّ اهتمامٍ كبير لدى المسلمين.
**كيفيّة أداء صلاة التسابيح:**
تتفق أغلب المصادر على أن صلاة التسابيح تُقام
بأربع ركعات، إلا أنّ هناك اختلافًا طفيفًا في كيفيّة أدائها، فقد وردت روايتان رئيسيتان:
**الرواية الأولى (رواية ابن عباس) تُؤدّى الصلاة على أربع ركعات متصلة
- أي بدون تسليم بين الركعات.
- في كلّ ركعة، يقرأ المصليّ الفاتحة وسورة من القرآن الكريم.
- بعد الانتهاء من القراءة، يُسبّح خمس عشرة تسبيحة
- (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)
- ثمّ يركع ويُسبّح عشر تسبيحات
- ويرفع من الركوع ويُسبّح عشر تسبيحات
- ثمّ يسجد سجدتين، يُسبّح في كلّ سجدة عشر تسبيحات
- ويرفع من السجود ويُسبّح عشر تسبيحات.
- يتكرّر هذا في كلّ ركعة من الركعات الأربع
- ليبلغ مجموع التسبيحات في كلّ ركعة خمسًا وسبعين تسبيحة
- وبذلك يبلغ مجموع التسبيحات في الصلاة ثلاثمئة تسبيحة.
**الرواية الثانية (رواية ابن المبارك):**
- في هذه الرواية، يُستحبّ تقسيم الصلاة إلى ركعتين ركعتين
- خاصةً إذا أُديت ليلاً، وذلك بناءً على الحديث النبويّ الشريف
- "صلاة الليل مثنى مثنى".
- أما إذا أُديت نهارًا، فيُمكن أداءها بأربع ركعات متصلة أو مُنفصلة بالتسليم.
- تبدأ كلّ ركعة بخمس عشرة تسبيحة،
- ثمّ يقرأ المصليّ الفاتحة وسورة من القرآن
- ويُكمل التسبيحات في الركوع والرفع منه والسجود والرفع منه كما في الرواية الأولى.
**اختلافات طفيفة أخرى:**
هناك اختلافات طفيفة أخرى تتعلق بترتيب التسبيحات، فبعض الفقهاء يفضلون بدءالتسبيحات قبل القراءة في كل ركعة، بينما يفضل آخرون أداء التسبيحات بعد القراءة.
- ولكن، يُجمع الفقهاء على أن مجموع التسبيحات في الصلاة
- يبلغ ثلاثمئة تسبيحة، وهذا هو جوهر
صلاة التسابيح.
**اختيار السور في صلاة التسابيح:**
لا يوجد نصّ صريح في تحديد السور التي يُقرأها المصليّ في صلاة التسابيح، إلا أنّ بعض العلماء يُفضّلون قراءة السور القصيرة من المفصل، بينما يُفضّل آخرون قراءة السور الطويلة.
- ووردت بعض الآراء التي تُحدّد سورًا معينة لكلّ ركعة
- لكنّها آراءٌ غير مُجمع عليها.
- عمومًا، يُترك للمصليّ حرية اختيار السور التي يُريد قراءتها
- مع مراعاة أن تكون من القرآن الكريم.
**دعاء صلاة التسابيح:**
يُستحبّ للمصليّ بعد الانتهاء من صلاة التسابيح أن يدعو بهذا الدعاء: "اللهم إني أسألك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل اليقين، ومناصحة أهل التوبة، وعزم أهل الصبر، وجد أهل الخشية، وطلب أهل الرغبة، وتعبد أهل الورع، وعرفان أهل العلم حتى أخافك، اللهم إني أسألك مخافة تحجزني عن معاصيك، حتى أعمل بطاعتك عملاً أستحق به رضاك.
- وحتى أناصحك بالتوبة خوفاً منك
- وحتى أخلص لك النصيحة حياءً منك
- وحتى أتوكل عليك في الأمور حسناً ظنّاً بك
- سبحان خالق النور". يُلاحظ أن هذا الدعاء ذو إسناد ضعيف
- ولكنّ ذكره يُعتبر من باب الاستحباب.
**وقت صلاة التسابيح:**
يُمكن أداء صلاة التسابيح في جميع الأوقات، باستثناء أوقات الكراهة للصلاة، وهي: وقت شروق الشمس مباشرةً، وقت زوال الشمس (الظهيرة)، وقت غروب الشمس. وتُعدّ هذه الأوقات مكروهة للصلاة إلا للضرورة،
كفوات صلاة فرض.
**فضل صلاة التسابيح ومغفرة الذنوب:**
يُعرف عن صلاة التسابيح فضلها العظيم في مغفرة الذنوب، وقد وردت أحاديث نبويّة تُشير إلى ذلك، ومنها ما يُشير إلى مغفرة جميع الذنوب مهما بلغت.
- سواء كانت قديمة أو حديثة، صغيرة أو كبيرة
- عمدًا أو خطأً، سراً أو علانيةً.
- وتُفسّر هذه المغفرة الكبيرة بتعدد الذكر والتسبيح في الصلاة
- مما يُضاعف أجرها
وثوابها.
**الصلة بين صلاة التسابيح وأحاديث الذكر:**
تُؤكّد العديد من الأحاديث النبوية الشريفة على
فضل الذكر والتسبيح، وتُعدّ صلاة التسابيح
تطبيقًا عمليًّا لهذه الأحاديث. فكثرة
التسبيح والحمد لله سبحانه وتعالى في هذه الصلاة تُعتبر من أسباب مغفرة الذنوب
وزيادة الأجر والثواب.
**خاتمة:**
تُعتبر صلاة التسابيح من النوافل المهمة في
الإسلام، فهي تجمع بين فضل الصلاة وفضل
الذكر والتسبيح، مما يجعلها صلاة ذات أجرٍ
عظيم وثوابٍ كبير. وقد وردت أحاديث نبوية
تُشير إلى فضلها العظيم في مغفرة الذنوب،
مما يُحثّ المسلمين على الحرص على أدائها باستمرار. وإنّ اختلاف الروايات في كيفيّة أدائها لا
يُنقص من فضلها، بل يُبيّن مرونة الشريعة
الإسلامية وتكيّفها مع ظروف المُصلّين. يُنصح
بدراسة هذه الروايات وفهمها جيداً قبل أداء الصلاة، والحرص على أدائها بِروحانيةٍ وإخلاصٍ لله
تعالى.